مراجعة للربع الثالث
خلال شهر سبتمبر، خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة كما توقع الجميع، مما دفع معدلات الفائدة على السندات إلى التراجع من مستوياتها العالية. وعلى الرغم من التحديات التي شهدتها أسواق الأسهم، كان أداءها لافتاً. وقد تحقق ما أشرت إليه في التقرير الربعي السابق بالنظر إلى أداء أصول الدخل الثابت والذهب، حيث ذكرت أن احتمالية تفوق الأصول الآمنة على الأصول ذات المخاطر المرتفعة، وأن أداء المحفظة الآمنة والمتوسطة سيكون أفضل من المحفظة العالية والعالية جداً، وهو ما حدث بسبب ارتفاع أصول الدخل الثابت، مثل الصكوك والعقار إلى جانب الذهب.
التوقعات الاقتصادية للفترة القادمة
ارتبطت التوقعات بشكل وثيق بالانتخابات الأمريكية منذ الربع الرابع 2023، ومع ارتفاع احتمالات فوز الرئيس السابق دونالد ترامب بالرئاسة، فقد بدأت معدلات الفائدة على السندات بالارتفاع من جديد، إذ تُعتبر سياساته توسعية وقد تؤدي إلى زيادة في التضخم، خاصة إذا سيطر الجمهوريون على الكونغرس ومجلس الشيوخ والرئاسة. وأثر هذا الأمر على التوقعات بشأن معدلات الفائدة على السندات والتضخم، مما أدى إلى صعود معدلات فائدة السندات مجددًا، وظهور تحسن ضئيل في بيانات سوق العمل.
ولكن ارتفاع التضخم يعتبر أمراً مؤقتاً. فإذا حقق الجمهوريون فوزًا ساحقًا، قد تستمر معدلات الفائدة على السندات في الارتفاع، لكن من غير المرجح أن تبقى عند هذا المستوى طويلًا. وعليه، لا نرى استمرارية بقاء عائد السندات لعشر سنوات، والذي يتجاوز حاليًا 4.2%، على هذا النحو فترة طويلة. ومع نهاية العام، قد ينخفض العائد إلى حوالي 4% أو أقل، وقد يصل أيضاً إلى 3.75% بنهاية العام المقبل. ومع ذلك، لا نتوقع حدوث تراجعات كبيرة في أسعار الفائدة، غير أن الاحتياطي الفيدرالي سيواصل خفضها تدريجيًا على مدار العام القادم. ونرجح أن تنخفض العوائد على السندات قصيرة الأجل بأكثر من 100 إلى 200 نقطة أساس. أما بالنسبة للسندات طويلة الأجل، والتي تهم المستثمرين في أصول الدخل الثابت، نتوقع أن تبقى عوائدها ما بين 3.75% إلى 4%.
وفيما يتعلق بأسواق الأسهم، فقد حققت أداءً قويًا خلال عام 2024، مدعومة بسيطرة أسهم التكنولوجيا. ورغم أن استمرار ارتفاع معدلات الفائدة على السندات قد يمثل تهديدًا لتقييمات الأسهم، إلا أن السيناريو الأساسي لدينا يشير إلى هبوط ناعم، مما يعني أن الولايات المتحدة ستتجنب الركود، وستستقر معدلات الفائدة على السندات حول 3.75% على المدى الطويل. ولذا، من المحتمل أن تستمر أسواق الأسهم في تحقيق عوائد جيدة، ولكن ليس بمستوى أدائها الذي شهدناه خلال عامي 2024 و2023. وبشكل عام، لا ننتظر تصحيح كبير في أسعار الأسهم خلال الربع الرابع من هذا العام أو العام المقبل، إلا في حال حدوث ركود كبير في الولايات المتحدة، وهو أمر غير متوقع حالياً.
نظرة على وضع الأسواق في المنطقة
تلوح المخاطر الجيوسياسية في أفق دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خصوصًا بفعل التوترات المتصاعدة في غزة ولبنان. ومن المرجح أن تستمر هذه المخاطر حتى تطرأ تطورات جديدة على الأوضاع هناك. ومع ذلك، لم تشهد التقييمات في المنطقة تغيراً ملحوظاً سواء في سوق الأسهم أو فروقات السندات.
وبعيدًا عن المخاطر الجيوسياسية، فإن التهديد الأكبر الذي قد تواجهه المنطقة هو احتمالية تصحيح كبير في أسعار السلع في عام 2025. وهو أمر لا نتوقع حدوثه في الوقت الحالي، مما يدفعنا للاعتقاد بأن أداء الأسواق الإقليمية سيكون جيداً سواء في أصول الدخل الثابت أو الأسهم ما لم تحدث أزمات جيوسياسية جسيمة، حتى لو شهدت معدلات الفائدة على السندات الأمريكية ارتفاعًا خفيفاً، نتوقع أن تحافظ المنطقة على قوة أدائها.
ويبقى التهديد الرئيسي هو احتمالية حدوث ركود اقتصادي كبير في الولايات المتحدة، والذي قد ينعكس بانخفاض حاد في أسعار النفط، مما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد الإقليمي. ولكن كما أشرنا سابقاً، أن السيناريو الأساسي الذي نتبناه وهو هبوط ناعم للاقتصاد الأمريكي.
عبدالقادر حسين، CFA
مدير المحافظ
انفوجرافيك