تتغير وتختلف التزاماتنا المالية مع كل مرحلة جديدة من حياتنا وتتطلب كل مرحلة إلى تعديل في سلوكياتنا في التعامل مع المال حسب حاجاتنا المالية، حيث أن مرحلة العشرينات من العمر يستطيع الشخص ان يتحمل مخاطر مالية أعلى ولديه مدة زمنية أطول (عامل الوقت يعتبر نقطة قوة هنا)؛ لكن في الجهة المقابلة، قد يكون الوعي بالممارسات المالية الصحيحة منخفض وقس على ذلك بقية المراحل العمرية السابقة. وقد وضحنا في هذه السلسلة المتعلقة بالاستثمار ما الذي يجب فعله في كل مرحلة عمرية:
ولكن الجميع لديه تطلعات مالية، وأصبحت القروض الآن من أسرع الطرق للحصول على السيولة التي ترغب بها لشراء تلك السيارة أو امتلاك ذلك الجهاز المعين سواء بقروض شخصية أو قروض قصيرة الأجل أو حتى بالشراء الآن والدفع لاحقاً.
وبالتالي تفتح الباب للوقوع في فخ القروض، ومع عدم الالمام أو الاهتمام ستجد نفسك في دوامة مالية تعرقلك عن سداد المستحقات الملزمة عليك.
وضعنا هنا بعض الأسباب مع حلول بسيطة تساعدك على التعرف وتجنب مثل تلك الأخطاء غير المقصودة والتي تحميك بإذن الله عند التفكير بأخذ قرض مستقبلاً:
١- عدم استيعاب خطورة القروض
الفوائد ونسبة المرابحة في القروض والبطاقات الائتمانية او حتى القروض الاستهلاكية قصيرة الاجل تمثل خطر في تراكمها على فترات طويلة، لأن الأغلب لا ينتبه لأثرها على المدى البعيد، خصوصاً على عوائدك الاخرى من الاستثمار على سبيل المثال، فيستمر الشخص بالاقتراض كلما احتاج الى سيولة، ويعود ذلك الى ضعف في التخطيط للوضع المالي مستقبلاً.
وعدم وجود صندوق طوارئ يضاعف المشكلة؛ حيث ان الأمور المفاجئة تحصل لنا جميعاً، ولكن هناك من يستطيع استخدام سيولة من صندوق الطوارئ ويتجنب الاقتراض، والآخر يضطر للاقتراض لتغطية حاجة قصيرة المدى.
ننصحك بتقييم وضعك المالي باستمرار وفهم عاداتك المالية حتى تتجنب الاقتراض؛ الاقتراض بحد ذاته ليس أداة سيئة، بل أداة رائعة للحصول على سيولة نقدية، ولكن بتخطيط وحكمة لتستغل هذا الدين لصالحك.
٢- إهمال الوضع المالي يؤدي للعجلة
وفي العجلة الندامة! كما ذكرنا في النقطة السابقة، القروض ليست سيئة بحد ذاتها، ولكنها أداة، ويمكن لكل أداة ان تستخدم بطريقة جيدة أو سيئة، وهنا نقول أنه عند اتخاذك قرار الاستدانة لتغطية احتياجك، فلا تتخذ هذا القرار في مدة وجيزة، لان التسرع في ذلك قد يجعلك تهمل جوانب أخرى وحلول أخرى أفضل؛ فعلى سبيل المثال، بإمكانك سؤال نفسك عدة أسئلة:
هل أستطيع الانتظار مدة أطول وأتفادى القرض أو التمويل أو أياً يكن؟ هل هناك حلول أخرى أستطيع اللجوء اليها؟ وضع فترة كافية لنفسك لاتخاذ القرار يجنبك الوقوع في قروض يمكن تفاديها.
٣- عدم تنظيم دفعات الأقساط
سداد الأقساط بالتساوي عندما يكون لديك عدة قروض في آن واحد هو أحد الأخطاء الأكثر شيوعاً ايضاً، المفترض ان يكون التركيز على سداد القروض والتخلص منها بأولوية. حيث أن الأولوية تكون للقروض أو الاقساط الشهرية ذات الفائدة المرتفعة، فعلى سبيل المثال: لديك مستحقات من بطاقتك الائتمانية وأيضاً قرض شخصي، تسدد الآن “الأدنى المستحق” للبطاقة الائتمانية، مع السداد الشهري الخاص بالقرض، والأفضل هو المسارعة بالتخلص من مستحقات البطاقة الائتمانية واستخدامها كبطاقة مسبقة دفع؛ وتجنب بكل الطرق التأخر في سداد مستحقات البطاقة الائتمانية لان بها أعلى معدل فائدة من كافة الحلول التمويلية التي تقدمها البنوك.
٤- التقدير الخاطئ للنفقات
من أكثر الأسباب شيوعاً والتي تقود لوضع مالي غير مستقر هو التقدير الخاطئ للنفقات، تعتقد أنك تصرف ١٠٠٠ ريال شهرياً على البنزين وانت في الحقيقة تصرف ٧٠٠ ريال شهرياً وهكذا دواليك.
الطريقة الصحيحة لتقدير مصاريفك بشكل صحيح هو مراقبتها عبر ميزانيات شهرية، ونسهل عليك العملية في ملاءة بحيث تستطيع وضع ميزانيات ديناميكية (أي لا تحتاج الى وضع حد على تصنيف واحد فقط، بل بإمكانك وضع حد وبعد ذلك تضع داخلها عدة تصنيفات وتراقبها في مكان واحد). مثال على ذلك:
بهذه الطريقة تستطيع بناء تصور على مدى صرفك وتستطيع معرفة متوسط صرفك على تصنيفات معينة، حتى تٌقدر نفقاتك بشكل صحيح.
أيضاً باستخدام الدورات السابقة بإمكانك الرجوع والتأكد تاريخياً من أدائك وتكوين صورة أفضل عن نفقاتك:
٥- الاقتراض من أجل الاستثمار
بدون التطرق للمخاطر التي تأتي من الاقتراض من أجل الاستثمار، في ظل ارتفاع معدلات الفائدة فإن الاقتراض من أجل الاستثمار فكرة جنونية.
بعض القروض المتوسطة (٥ سنوات) تصدر بفوائد ٣-٤٪ ولذلك فأنت تحتاج إلى استثمارات عوائدها تفوق ذلك بكثير (بعد خصم تكاليف الاستثمار + الزكاة) ولذلك في كثير من الأحيان ستخسر أموالك المستثمرة وتضطر إلى سداد القرض، ولذلك فإن الاقتراض من أجل الاستثمار (أو ما يسمى بالرافعة المالية) ليست فكرة صائبة للأفراد ولن يفيدك، بل سيؤذيك أكثر، وهو خيار يتخذه مديري استثمار محترفين ولا يجب على الأفراد اللجوء لهكذا تكتيكات.